الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته ؛ لالتحاقه بالفعل.
الثالث : وجود المحرز ، أي الطالب لذلك المحل (١) ، انتهى ملخّصاً.
وإنّما اشترطوا الشرط الأوّل ؛ لأنهم اشترطوا لصحّة العطف على اللفظ إمكان توجّه العامل إلى المعطوف أو مرادفه ، فإذا لم يصحّ ظهور ذلك المحلّ في المعطوف عليه لم يصح توجّه العامل للمعطوف فافهم. ففي مسألتنا لا يجوز عطف آله على محلّ الضمير البعيد ؛ لأنه لا يصحّ أن تقول : (صلّاهُ الله) ولا (صلّى الله إيّاه) ؛ لعدم وروده. وصحة العطف على محله البعيد مشروطة بصحته ، وإذا بطل الشرط بطل المشروط.
فإن قلت : لم لا يجوز العطف على محل الضمير البعيد وهم يغتفرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل؟
قلت : ذلك أمر اضطرّوا له في تصحيح أمثلة وردت عن العرب ووجب قبولها ، وأما هنا فلا يصح الحمل عليه بعد تصريحهم بالمنع من خصوص المسألة. ولنا عن الحمل عليه مندوحة ولا ضرورة ملجئة إليه.
يؤيد ذلك ما قاله الدمامينيّ في (المنهل الصافي) عند قول الماتن : (امتنع الضارب زيد) ـ : يعني : بالإضافة. وضعّف
__________________
(١) مغني اللبيب : ٦١٦ ٦١٧ قال ابن هشام بعد ذكره الشرط الثالث ما ملخّصه : وابتنى على هذا امتناع جملة مسائل :
إحداها : ارتفاع (عمرو) في نحو (إن زيداً وعمراً قائمان) ؛ لأن الطالب لرفع زيد هو الابتداء الذي هو التجرّد ، وقد زال هذا التجرّد بدخول (إن) عليه.
الثانية : ارتفاع (عمرو) في نحو (إن زيداً قائمٌ وعمراً) إذا لم تقدّر (عمرو) مبتدأ بل قدّرته معطوفاً على المحلّ. والبصريّون منعوا هذا لمانع هو غير المحرز ؛ لأنهم لم يشترطوه ، والمانع عندهم هو توارد عاملين : (إن والابتداء).
الثالثة : ارتفاع (عمرو) وانتصابه في نحو (أعجبني ضربُ زيدٍ وعمروٍ) ؛ لأن الاسم المشبّه بالفعل من حيث عمله ، وهو هنا مصدر (الضرب) لا يعمل في اللفظ حتّى يكون محلّى بلام التعريف ، أو منوّناً أو مضافاً.
الرابعة : انتصاب (عمرو) في نحو (هذا ضارب زيدٍ وعمروٍ).
انظر مغني اللبيب : ٦١٧ ٦١٨.