الثالث : في بيان تلقي الأصحاب هذا الإجماع بالقبول وعدم طعنهم عليه وإنْ اختلفوا في المراد من العبارة المذكورة ، وطعن بعضهم في مذهب بعض المجمعين.
فنقول : أمّا شيخ الطائفة فيظهر منه ذلك.
(أوّلاً :) بما ذكره في أوّل اختياره لكتاب الكشي ، على ما نقله عن خطّه السيد الأجل علي بن طاوس في كتاب فرج المهموم ، قال : ونحن نذكر ما روى عنه يعني الشيخ من أول اختياره من خطّه ، فهذا لفظ ما وجدناه : أملى علينا الشيخ الجليل الموفق أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي (أدام الله علوّه) وكان ابتداء إملائه يوم الثلاثاء السادس والعشرين من صفر سنة ست وخمسين وأربعمائة ، بالمشهد الشريف المقدس الغروي ، على ساكنه السلام ، قال : هذه الأخبار اختصرتها من كتاب الرجال ، لأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشي ، واخترنا ما فيها (١) ، انتهى.
وظاهر كلامه ، بل صريح مدلوله كما نصّ عليه السيّد المتقدم أن كلّ ما في الموجود مرضيّة ومختاره ، واستدل بذلك على مطلوبه من صحّة علم النجوم في كلام لا يقتضي المقام نقله ، ومن الواضح أنّ الإجماع لو لم يكن مختاره ومرضيه ، ومقبولاً عنده ، لما أبقاه على حاله.
(وثانياً :) بما في العدّة ، حيث قال رحمهالله : وإذا كان أحد الراويَيْن مُسنداً والآخر مُرسِلاً نظر في حال المرسِل ، فإنْ كان ممّن يعلم أنه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما رواه محمّد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقات ، الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا
__________________
(١) فرج المهموم : ٣٠.