أحاديث هؤلاء الأعاظم ، ومعه لا ريب في حجيّتها ؛ فإنّ سبب عدول المتأخرين من طريقتهم ، إلى الاقتصار على القرائن الداخلية وهي الوثاقة ، ولو بالمعنى الأعم تعذّر وصولهم وعثورهم على تلك القرائن ، ومع ثبوت وجودها في طائفة فلا تأمّل لأحد في حجيّتها.
والتحقيق أن يقال : بناء على كون الحجّة من الخبر هو ما وثق بصدوره ، وحصل الاطمئنان بوروده ، كما هو الحقّ ، وعليه معظم أهل عصرنا ، فلا شك في الوثوق بالخبر إذا كان في السند أحد من الجماعة ، وصحّ الطريق إليه ، مع قطع النظر عن معارض منه ، أو من غيره ، سواء كان مدلول العبارة وثاقته ، أو مع من بعده أوْ لَا. خصوصاً إذا انضمّ إلى التصحيح التصديق والإقرار ، ومن أنكر الوثوق أو تأمّل فيه فقد كابر وجدانه ومعه يدخل الخبر في صنف الحجة منه ، وتشمله أدلّته ، إذ لا فرق بين أسباب الوثوق إذا تعلّقت بالسند والصدور لا بالحكم والمضمون ، وهذا واضح بحمد الله تعالى.
الخامس : في مفاد العبارة المذكورة ، وهي قولهم : تصحيح ما يصح عنهم.
ولنقدم خلاصة كلمات الأصحاب ، ثم نذكر ما عندنا من التحقيق والصواب.
فنقول : ولهم في المقام أربعة أقوال :
أ ـ ما يظهر من صاحب الوافي حيث قال في المقدمة [الثانية] (١) من أول إجزائه بعد نقل عبارة الكشي ـ : قد فهم جماعة من المتأخرين من قوله : أجمعت العصابة ، أو الأصحاب ، على تصحيح ما يصح عن هؤلاء ـ : الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم ، ونسبته إلى أهل البيت [عليهمالسلام]
__________________
(١) في (الأصل) و (الحجرية) : الثالثة ، وما أثبتناه بين المعقوفتين من المصدر.