فصعدوا به ، وهو يُكبِّر ويَستغفر الله ، ويُصلِّي على رسوله ، ويقول :
«اللَّهمَّ أحكم بيننا وبين قوم غرُّونا ، وكذَّبونا ، وخذلونا».
فضُرِبت عُنقه ، وأُتبع جسدُه ، وكان هذا مَقتل مسلم يوم الأربعاء ، لستعٍ مَضين مِن ذي الحِجَّة (يوم عرفة) سنة ستِّين مِن الهِجرة ، وقد كان خروجه في الكوفة ، يوم الثلاثاء ثامن ذي الحِجَّة (يوم التروية) ، وهو اليوم الذي قُتل فيه هاني ، ويوم خرج فيه الحسين (عليه السّلام) مِن مَكَّة يَقصد الكوفة مُلبِّياً دعوتها.
أجلْ ، قُتِل مسلم ، وقُتل به أمل كلِّ مُسلمٍ ، وأسقطوا بجسمه مِن أعلام القصر. وسقوط الجسم ليس بسقوط الاسم.
هذا ، وعيون النّاس ترى هانئاً في السوق ، وابن عقيل ، وما جُثَّة الرجليَن بذلك المَنظر الفظيع ، إلاّ آية انحراف الحِزب السُّفياني ، عن سُنَن الدين ومَوعظة مُوقِظة للغافلين ، وفي ذلك عِبرةٌ لمَن يَعتبر ، وفي كوفة الخُذلان ، ما أكثر العِبر ، وأقل المُعتبِر؟