السّباق إلى الجَنَّة
التسابُق إلى النَّفع غريزة في الأحياء ، لا يَحيدون عنها ، ولا يُلامون عليها ، وقد يَؤول إلى النزاع بين الأشخاص والأنواع ، ولكنَّ التسابُق إلى الموت ، لا يُرى في العقلاء إلاَّ لغايات شريفة ، تبلغ في مُعتقدهم مِن الأهميَّة مَبلغاً قَصيَّاً ، أسمى مِن الحياة الحاضرة ، كما إذا اعتقد الإنسان في تسابقه إلى الموت ، نيل سعادات ولذَّات ، هي أرقى وأبقى مِن جميع ماله في الحياة الحاضرة.
ولهذه نظائر في تواريخ الغُزاة والمُجاهدين ؛ فإنَّ في صحابة النبي (صلَّى الله عليه وآله) (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) ، وتسابقوا إلى القتال بين يديه ، مُعتقدين أنَّ ليس بينهم وبين جِنان الخُلد والفِردوس الأعلى ، سِوى سويعات ، أو تُميرات يأكلونها ، أو حَملات يحملونها.
وهذا مِن أشرف السِّباق ، وموته أهنأ موت ، وشعاره أقوى دليل على الفضيلة والإيمان ، ولم يَعهد التاريخ لجماعة بِداراً نحو الموت ، وسباقاً إلى الجَنَّة والأسنَّة مِثل ما عهدناه في صَحب الحسين (عليه