ابن زياد على الكوفة
أمّا عبيد الله بن زياد ، فقد ضَمَّ يزيد الكوفة إليه ، مع البصرة ، فحَسِب ذلك ضَرباً مِن الترفيع ، سيَّما وقد أُعطي سِعة في النفوذ ، والسلطة التامَّة العامَّة ، فمهَّد أمره في البصرة ، وعهد بأزمَّتها إلى أخيه ، وإلى أعوانه المُجرَّبين ، خَوفاً مِن نشر الدعاية فيها لابن الزبير ، أو الحسين (عليه السّلام) ، وتأهَّب إلى الكوفة ، مِن حيثُ لم يعلم العامَّة أمره ، وسُرعان ما قَدِمها بكلِّ جَسارة ، ودخلها مُتنكِّراً ومُتلثِّماً ، وعليه عِمامة سوداء ، يوهِم الناس إنَّه الحسين بن علي (عليهما السّلام) ، وصار مَن يُصادفونه في خِطط الكوفة وطُرقاتها ، يزعمونه الحسين السبط ، فيُسلِّمون عليه بالإمامة ، ويُحيِّونه بكلِّ كرامة ، ويقبِّلون يديه ورُجليه ، وهو لا يُكلِّم أحداً فوق راحتله ، حتَّى بلغ قصر الإمارة ، فطرق الباب على واليِّها المحصور النعمان بن البشير ، حتَّى إذا عرفه فتح الباب ودخل.
عند ذلك فشى خبره أنَّه ابن زياد ؛ فباتت الكوفة تلك الليلة تَغلي كالمَرجِل ، والناس بين مُثبِّت ومُثبِّط ، وابن زياد دخل البلدة وَحْدَه ،