مَقتل مُسلم وهاني
إنَّ مُسلماً ـ وهو الذي بايعه أكثر مِن ثلاثين ألف مسلم ـ بقي وحيداً فريد ، بعد القبض على الوجوه مِن أوليائه : كالمُختار الثقفي ، وسُليمان الخزاعي ، فلاذَ بصَديقه هاني ، أكبر مشايخ الكوفة سِناً ، وشأناً ، وبصيرة ، وعِشرة ؛ إذ كان مُعمِّراً فوق الثمانين ، وشيخ كِندة ، أعظم أرباع الكوفة ، وكان إذا صرخ لبَّاه ثلاثون ألف سيفٍ ، وكان هو وأبوه مِن أحبَّة عليٍّ وأنصاره في حروبه العراقيَّة.
فهنأ هاني مسلماً بالرحب والسعة والحفاظ ، حتَّى يُفرِّج الله عنه ، والتزم هاني بالتمارض مُجاملة مع ابن زياد في عدم إجابته لدعوته ، لكنَّ ابن زياد يَطمع في هاني وسابقته معه ، ويرى في جَذب أمثاله مِن المُتنفِّذين الحقيقيِّين معونة كُبرى لإنفاذ مقاصده.
ويروى أنَّ هاني ، أو شُريك ، أقترح على عميد آل عقيل ، ومندوب الحسين (مسلم) الفتك بابن زياد غِيلةً وغَفلةً ، لكنَّ مسلماً لم يجب بسِوى كلمة : إنِّا أهل بيت نَكْرَه الغَدر.
هذا كلمة كبيرة المَغزى ، بعيدة المَرمى ؛ فإنَّ آل علي