الرياحي يَمنع الحسين (عليه السّلام)
النياق في بادية الحِجاز نقليَّته الوحيدة ، والإبل تطيق الظمأ أيّام ، وتقنع بالقوت الزهيد ، مع تحمُّلها ما لا يُطاق مِن الأثقال والمَشاقِّ ، ولكنَّها في ثالث يوم مِن ظمئها تُشرِف على العَطب ، سيَّما في الحَرِّ ، فلابُدَّ مِن تنشيطها بالنغمات الخاصَّة (الحَدْي) ، أو التزوُّد مِن الماء ، ومياه الآبار والعيون نزرة وقليلة ، في مَفاوز الحِجاز ، وبَرِّ الشام ؛ فتبعُد الواحدة عن الأُخرى مرحلة ، أو مراحل على خطوط الطُّرق المألوفة ، أمَّا مَن حاد عنها ، فقد لا يَجد الماء مَهْما هام بوجهه في المَهامة والقِفار ، فلا مَنهل يُرويه ، ولا مأهل يؤويه.
وقد تلقّى ركب الحسين (عليه السّلام) ، بعد وصوله إلى (شَراف) ، أمرهم بالتزوُّد مِن مائها فوق قَدَر الحاجة بكثير ، ولم يعرفوا سِرّ ذلك ، حتَّى إذا بلغوا (ذا حُسم) كبَّر رجُل مِن أصحابه تكبيرة الإعجاب ، وزعم أنَّه رأى نخيل الكوفة ، وبعد أنْ أجمعوا على استبعاد رأيه وتحقَّقوا ، علموا أنَّها رؤوس رماح ، وطالعة كِفاح ؛ فتحيَّز الحسين (عليه السّلام) رحله إلى هضاب (ذا حُسم) ، وأخذ التحوّطات الحربيَّة ؛ ليلوذ رحله