الكوفة تُقاد إلى الحرب
خضعت الكوفة لدَهاء ابن زياد بعد مَقتل مسلم ، وانقادت إليه أحياؤها ورؤساؤها ، وذُلّلِت صِعابها تَذليلاً ، لكنَّه لم يَزل قَلِق البال ، غير مُستريح الخَيال ؛ لعلمه بمبلغ تأثير الدعوة الحسينيَّة في المَجامع والمَسامع ، وما له في العِراق من سابقة ولاء وأولياء ، وكان ابن زياد مُحنَّكاً ، قد درس هو وأبوه حالة العراق الروحيَّة ، وسرعة انقلاب هوائه وأهوائه ، وأنَّ لأبنائه نائمة وقائمة ، كمْ اغترَّت بهما أولياء الأُمور والسياسة! فجائز أنْ يأتيها الحسين (عليه السّلام) بجنود لا قِبَل له بها ، أو يتَمرْكز بالقادسيَّة ؛ فتلتفّ حوله قبائل بادية الشام ، وعشائر الفرات ، مِمَّا بين الكوفة والبصرة ، أو يَحدث مِن اقترابه دويٌّ ينعكس صَداه في داخل الكوفة ؛ فيَستفِّز الحِسِّيَّات والنفسيَّات ؛ فيثورون عليه ؛ ويستخرجون مِن سجونه وجوه الشيعة ، ورؤوس القبائل ، فلا يُمسي ابن زياد إلاّ قتيلاً ، أو أسيراً ، وعلى أيٍّ ، يتهدّم كلُّ ما بناه ، ولا يعود عليه التسامح إلاّ بالخُسران ؛ وعليه اندفع ابن زياد بجميع قِواه إلى تأمين الخارج ، بعد تعزيز الأمن في الداخل ، وتحشيده الكوفيِّين ؛ لمُحاربة