الحسين (عليه السّلام) ، فبادر إلى احتلال القادسيَّة ، قبل أنْ يَسبقه إليها الحسين (عليه السّلام) ، والنقاط المُهمَّة في الحدود على خطوط سابلة الحِجاز ، وما لبث أنْ ورد عليه كتاب الحُرِّ الرياحي ، وأتته البشائر تَترى ، على أنّ الحسين (عليه السلام) ورَدَ وأُبعِد عن حدود الكوفة ، إلى جِهة الشمال الغربي مسافة قاصية ، هو ونفر قليل مِن خاصَّته ، بحيث لا يعود مِن المُمكن أنْ يُهيمن على ضواحي الكوفة ، فَضلاً عَمَّا بينها وبين البصرة ، وأنَّ جيش الحُرّ الرياحي ، أصبح يُراقبه في المسير ، وهو كافٍ لصَدِّه أو رَدِّه.
بات ابن زياد ليلته هادئ البال ، مُستقرَّ الخيال ، وكتب بذلك كلِّه إلى يزيد ؛ لتأمين خواطر الهيئة المركزيَّة ، والمُبادرة بتسجيل خدماته عند سلطانه ، وكأنّي به قد نبَّه على مَيلان الحُرّ ، وصلاته بجيشه مع الحسين (عليه السّلام) ، وأنّ ابن رسول الله جذَّاب النفوس بهديه ، ومُستملِك القلوب بحديثه ، فلا يَبعُد أنْ يُعلِن الحُرّ في صحبته ولاءه وانضمامه إليه ، ويَسري نبأ تمرُّده في أمثاله مِن أركان القيادة العسكريَّة ، ويتَّسع الخَرق على الراقع ، أو يتَمرْكز الحسين (عليه السّلام) في الأنبار ؛ فيحصر على ابن زياد المِيرة والذخيرة ، ولا يسع ابن زياد أنْ يُحاصره ؛ بسبب وضعيَّة النهر وموالاة عشائر البَرِّ ، وقربه مِن مدائن كِسرى ، وأينما حَلَّ سبط الرسول (صلَّى الله عليه وآله) ، ناشراً دعوته الصالحة سواء العراق وإيران ؛ فإنَّها تُصادف انتشاراً ، ولا تُعدَم أنصاراً ، فوثب ابن زياد يبثُّ المواعيد ثانية ، ويوزِّع الأموال بين العشائر والأكابر ؛ ليؤلِّف منها أجناداً وقوَّاداً.