بنت علي (عليهما السّلام) تقول : مَن أراد أن لا يكون الخلق شفعاؤه إلى الله فليحمده ؛ ألم تسمع إلى قولهم : سمع الله لمن حمده؟ فخف الله لقدرته ، واستحِ منه لقربه منك.
حدّث حذلم بن كثير قال : قدمتُ الكوفة في المحرم سنة إحدى وستّين عند منصرف علي بن الحسين (عليه السّلام) والسبايا من كربلاء ، ومعهم الأجناد يحيطون بهم ، وقد خرج الناس للنظر إليهم ، فلمّا أقبل بهم على الجمال بغير وطاء ، خرجن نسوة أهل الكوفة يبكين وينشدن.
وذكر الجاحظ في (البيان والتبيين) عن خزيمة الأسدي قال : ورأيت نساء أهل الكوفة يومئذ قياماً يندبن ، متهتّكات الجيوب.
قال حذلم بن كثير : فسمعت علي بن الحسين (عليه السّلام) يقول بصوت ضئيل ضعيف ، وقد أنهكته العلة ، والجامعة في عنقه ، والغل في يديه ، ويداه مغلولتان إلى عنقه : «إنّ هؤلاء النسوة يبكين ، إذاً فمن قتلنا؟!».
قال : ورأيت زينب بنت علي (عليهما السّلام) ، ولم أرَ خفرة (١) أنطق منها ، كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين (عليه السّلام).
__________________
(١) الخفر (بالتحريك) : شدة الحياء ، ومن قولهم : تخفّرت المرأة ، اشتد حياؤها. (لسان العرب)