وحالو الفارابي ، ثالثاً ، التوفيق بين افلاطون وارسطو في المنطق فلم يجد تعارضاً بينهما في شيء من مسائله ، لا في مفهوم الجوهر ولا في مفهوم القسمة ولا في مفهوم القياس. ولاواقع ان علم المنطق وضعه ارسطو بعد موت افلاطون ، فلم يكن ثمة متسع للخلاف بينهما ، وقد اشار الفارابي الي هذه الحقيقة.
ولكن باباً من أبواب المنطق طرقة افلاطون قبل ارسطو هو الجدل ، وقد اعتبره منهجاً علمياً صحيحاً ، وهو عبارة عن المناقشة التي تجري بين شخصين حول مسألة من المسائل وتؤدي الي توليد المعرفة. وقد حدده بأنه المنهج الذي به يرتفع العقل من المحسوس الي المعقول دون أن يستخدم شيئاً حسياً بل بالانتقال من معانٍ الي معانٍ بواسطة معان (الجمهورية ص ٥١١) ، وبأنه العلم الكلي بالامور الدائمة والمباديء الاولي يصل إليه العقل بعد العلوم الجزئية ، ثم ينزل منه الي هذه العلوم يربطها بمبادئها ، وإلي المحسوسات يفسرها. وهكذا يميز افلاطون بين نوعين من الجدل : الجدل الصاعد الذي يرتقي من المحسوسات الي المعقولات مروراً بالمظنونات والمستدلات. فيكون لدينا اربعة أنواع من المعرفة هي الاحساس او ادراك عوارض الأجسام ، والظن أو الحكم علي المحسوسات بما هي كذلك ، والاستدلال أو علم الماهيات الرياضية المتحققة من المحسوسات ، والتعقل أو ادراك الماهيات المجردة من كل مادة أو المثل.
ثم الجدل النازل الذي ينزل من المعقولات الي المحسوسات ليحكم