وينبغي ان تعلم ان مثل ذلك مثل الدرج الذي يدرج عليه ، وينزل منه : فان المسافة واحدة وبين السالكين خلاف. وذلك ان ارسطوطاليس ، لما رأى ان اقرب الطرق واوثقها في توفية الحدود ، هو بطلب ما يخص الشيء وما يعمه (١) ، مما هي ذاتية له وجوهرية ، وسائر ما ذكره في «الحرف» الذي يتكلم فيه على توفية الحدود ، من كتبه فيما «بعد الطبيعة» ، وكذلك في كتاب «البرهان» ، وفي كتاب «الجدل» ، وفي غير ذلك من المواضع ، مما يطول ذكره؛ واكثر كلامه لم يخل من قسمة ما ، وان كان غير مصرح بها ، فانه حين يفرق بين العاميّ والخاصّ ، وبين الذاتي وغير الذاتي ، فهو سالك ، بطبيعته وذهنه وفكره ، طريق القسمة ، وانما يصرح ببعض اطرافها. ولا جل ذلك لم يطرح طريق القسمة رأسا ، لكنه يعدّه من التعاون على اقتضاء اجزاء المحدود. والدليل على ذلك ، قوله ، في كتاب «القياس» ، في آخر المقالة الاولى : «فاما القسمة التي تكون بالاجناس جزء صغير من هذا المأخذ ، فانه سهل ان يعرف» ، وسائر ما يتلوه. وهو لم يعد المعاني التي يرى افلاطون استعمالها ، حين يقصد الى اعمّ ما يجده مما يشتمل على الشيء المقصود تحديده ، فيقسمه بفصلين ذاتيين ، ثم يقسم
__________________
(١) نحصل علي حد الشيء عند ارسطو بذكر جنسه وفصله ، فالجنس هو ما يعم الشيء والفصل هو ما يخصه ، كقولنا : الانسان حيوان ناطق. أما عند افلاطون فنحصل علي الحد بالقسمة الثنائية كأن نقول : الموجودات اما جماد واما حيوان والحيوان اما ناطق واما غير ناطق ، والناطق هو الانسان.