الاضداد ، فان سالبته اشدّ مضادة من الموجبة التي المحمول فيها ضدّ ذلك المحمول. فان كثيرا من الناس ظنوا ان افلاطون يخالفه في هذا الرأي ، وانه يرى ان الموجبة التي المحمول فيها ضد المحمول في الموجبة الاخرى ، اشدّ مضادة. واحتجوا على ذلك بكثير من اقاويله السياسية والخلقية؛ منها ما ذكره في كتاب «السياسة» : ان الاعدل متوسّط بين الجور والعدل. وهؤلاء ، فقد ذهب عليهم ما نحاه افلاطون في كتاب «السياسة» ، وما نحاه ارسطوطاليس في «باري هرمينياس» ، وذلك ان الغرضين المقصودين متباينان. فان ارسطو انما بيّن معاندة الاقاويل ، وانها اشدّ واتمّ معاندة. والدليل على ذلك ما اورده في الحجج ، وبيّن ان من الامور ما لا يوجد فيها مضادة البتة ، وليس شيء من الامور الاّ ويوجد فيها سوالب معاندة له. وايضا ، فان كان واجبا في غير ما ذكرنا ، ان يجري الامر على هذا المثال ، فقد ترى ان ما قيل في ذلك صواب؛ وذلك انه قد يجب ، اما ان يكون اعتقاد النقيض هو الضد في كل موضع ، واما ان يكون في موضع من المواضع هذه. الاّ ان الأشياء التي ليس يوجد فيها ضد اصلا ، فان الكذب فيها هو الضد المعاند للحق. ومثال ذلك ، من ظنّ بانسان انه ليس بانسان ، فقد ظن ظنا كاذبا. فان كان هذان الاعتقادان هما الضدان ، فسائر الاعتقادات انما الضد فيها هو اعتقاد النقيض. واما افلاطون ، حيث بيّن ان الاعدل متوسّط بين العدل والجور ، فانه انما قصد بيان المعاني السياسية ومراتبها ، لا معاندة الاقاويل فيها. وقد ذكر ارسطو في «نيقوماخيا الصغير في السياسة» شبها بما بيّنه افلاطون. فقد تبيّن