وفاصل عن ارسطو فيما ادّعوه. وشرحنا نحن اقاويله ايضا عن كتاب «انولوطيقا» في هذا الباب ، وبيّنا معنى المقول على الكل ، ولخصنا امره ، شافيا ، وفرّقنا فيه بين الضروري القياسي وبين الضروري البرهاني ، بحيث يكون فيه غنية لمن تأمله عن كل ما يورثه لبثا في هذا الباب. فقد ظهر ان الذي ادّعاه ارسطوطاليس في هذا القياس ، هو على ما ادّعاه ، وان افلاطون لا يوجد له قول يصرح فيه بما يخالف قول ارسطو (١).
ومما اشبه ذلك هو ما ادّعوه على افلاطون انه يستعمل الضرب من القياس في الشكل الأول والثالث ، الذي المقدمة الصغرى منه سالبة. وقد بيّن ارسطو مرّة في «انولوطيقا» انه غير منتج. وقد تكلّم المفسّرون في هذا الشكل وحلّلوه ، وبيّنوا امره. ونحن ايضا ، شرحنا في تفاسيرنا وبينا ان الذي اتى به افلاطون في كتاب «السياسة» ، وكذلك ارسطوطاليس في كتاب «السماء والعالم» مما يوهم انها سوالب ، ليست بسوالب ، لكنها موجبات معدولة؛ مثل قوله : السماء لا خفيف ولا ثقيل ، وكذلك سائر ما اشبهها؛ اذ الموضوعات فيها موجودة ، والموجبات المعدولة ، مهما وقعت في القياس ، بحيث لو وقعت هناك سوالب بسيطة ، كان الضرب غير منتج ، لامتنع القياس من ان يكون منتجا.
ومن ذلك ايضا ، ما اتى به ارسطوطاليس في الفصل الخامس من الكتاب «باري هرمينياس» ، وهو ان الموجبة التي المحمول فيها ضدّ من
__________________
(١) الفارابي يؤكد أنه لا يوجد لأفلاطون أقوال في القياس تخالف ما ذهب إليه أرسطو. وهذا امر طبيعي لأن علم المنطق وضعه أرسطو بعد أفلاطون.