المختلفة من طبيعيات ورياضيات واخلاقيات ومنطق والهيات وسياسة مدنية. بيد ان هذه العلوم ليست سوي اجزاء من علم أم هو الفلسفة. والفلسفة هي العلم بالموجودات بما هي موجودة ، وقد ظهرت ، أول ما ظهرت ، في بلاد الرافدين عند الكلدانيين ثم انتقلت الي مصر ، حتي انتهت الي بلاد اليونان ، لتبلغ أوج ازدهارها ونضجها. وأكبر الفلاسفة اليونانيين اثنان هما افلاطون وارسطو ، ولذا دعوت الضرورة الي وضع كتاب يبين تقدمهما في هذا المضمار.
هذا ملخص كتاب «تحصيل السعادة» الذي مهد به لكتاب (الجمع بين رأيي الحكيمين). ولذا نلقاه يبدأ كتابه هذا من حيث انتهي كتابه السابق. ويذكر الغرض من الكتاب وهو تبيان فضل هذين الحكيمين المقدمين المبرزين وعدم الاختلاف بين آرائهما في المنطق والاخلاق والسياسة المدنية والنفس وقدم العالم وحدوثه واثبات وجود الله ، واسقاط دعوي من وجد اختلافاً بينهما من أهل زمانه.
بيد ان العبارات الواردة في مطلع الكتاب تميط لنا اللثام عن مسألة هامة. انها تقول (اما بعد ، فإنّي لما رأيت أكثر أهل زماننا قد خاضوا وتنازعوا في حدوث العالم وقدمه ، وادعوا ان بين الحكيمين المقدمين المبرزين اختلافاً في اثبات المبدع الاول ، وفي وجود الاسباب منه ، وفي امر النفس والعقل ، وفي المجازات علي الافعال خيرها وشهرا ، وفي كثير من الأمور المدنية والخلقية والمنطقية ، أردت في مقالتي هذه ، ان اشرع في الجمع بين رأييهما ، والابانة عما يدل عليه فحوي