لهذا أنزل ، وممن سلك هذا المسلك الزجّاج فى تفسيره معانى القرآن ، والواحدي النيسابورى في تفسيره (البسيط) وأبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى فى البحر المحيط (٣) ومنهم من وجه النظر إلى القصص والأخبار عمن سلف ، وقد نحا هذا النحو أقوام زادوا فى قصص القرآن ما شاءوا من كتب التاريخ والإسرائيليات. وليتهم اقتصروا على النقل من التوراة والإنجيل والكتب المعتمدة لدى أهل الكتاب ، لكنهم أخذوا جميع ما سمعوه عنهم من غير تفريق بين غثّ وسمين ، ولا تنقيح لما يخالف الشرع ولا يطابق العقل ، ومن أشهر هؤلاء الثعلبي ، وصاحب الخازن علاء الدين بن محمد البغدادي المتوفى سنة ٧٤١ ه.
(٤) ومنهم من وجّه همه إلى الأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات وكيفية استنباطها من الآيات ، وربما استطردوا إلى إقامة الأدلة عليها ، والرد على المخالفين مما لا تعلق له بالتفسير كما فعل القرطبي فى تفسيره.
(٥) ومنهم من عنى بالكلام فى أصول العقائد ومقارعة الزائغين ، ومحاجة المخالفين وللإمام الرازي المتوفى سنة ٦١٠ ه فى ذلك القدح المعلّى فى تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب ، فقد خرج فيه من باب إلى باب ، حتى ليقضى الناظر العجب من صنيعه. ومن ثمّ قال أبو حيان الأندلسى فى البحر المحيط : جمع الرازي فى تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة إليها فى علم التفسير ، ولذلك قال بعض العلماء : تفسيره فيه كل شىء إلا التفسير ا ه.
(٦) ومنهم من اتجه إلى الوعظ والرقائق ممزوجة بحكايات المتصوفة والعبّاد ، وفى بعضها خروج عن حدود الفضائل والآداب التي جرى عليها القرآن.
(٧) ومنهم من سلك طريق التفسير بالإشارة إلى دقائق لا تنكشف إلا لأرباب السلوك ، ويمكن إرادتها مع إرادة ظاهر المعنى ، وقال إن ذلك من كمال الإيمان ومحض العرفان.