ولكن كانوا يطيعون أهواءهم ، ويتبعون شهواتهم ، ويعصون رسلهم ، فمنهم من كذّبوه ، ومنهم من قتلوه.
الإيضاح
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) أي ولقد أعطينا موسى الكتاب المقدس وهى التوراة ، ثم أتبعنا من بعده رسولا بعد رسول مقتفين أثره ، فلم يمض زمن إلا كان فيه نبىّ أو أنبياء يأمرون وينهون ، فلا عذر لهم في نسيان الشرائع أو تحريفها وتغيير أوضاعها.
ثم خصّ من أولئك الرسل عيسى عليه السلام فقال :
(وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) أي وأعطينا عيسى المعجزات الباهرة التي تدل على صدق نبوته وأنه موحى إليه من ربه ، وأيدناه بروح الوحى الذي يؤيد الله تعالى به أنبياءه في عقولهم ومعارفهم كما قال : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) الآية ، وأرسلناه بعد ظهور كثير من الرسل ولم يكن حظه بينهم أحسن من حظ سابقيه.
ثم بيّن ماذا كان حظ الرسل من بنى إسرائيل فقال :
(أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ؟) أي أبلغ الأمر بكم أنكم كلما جاءكم رسول من رسلى بغير الذي تهوى نفوسكم استكبرتم عليه تجبرا وبغيا فى الأرض؟
(فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) أي فبعضا منهم تكذبون كعيسى ومحمد عليهما السلام ، وبعضا تقتلون كزكريا ويحيى عليهما السلام ، فلا عجب بعد هذا إن لم تؤمنوا بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن العناد والجحود من طبعكم ، وسجية عرفت عنكم ، ولا غرابة في صدور ما صدر منكم.