الشرك وهم أهل الكتاب ، وكانوا يقولون إن نبيّا الآن مبعثه قد أظل زمانه ، يقتلكم قتل عاد وإرم ، فلما بعث رسول الله اتبعناه وكفروا به.
وسبب هذا أنهم حسدوا العرب على أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من بينهم فحملهم ذلك على الكفر به جحودا وعنادا ، فسجّل الله عليهم الطرد والإبعاد من رحمته ، لجحودهم بالحق بعد أن تبين لهم.
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) أي بئس الشيء الذي باعوا به أنفسهم وبذلوها ـ الكفر بما أنزل الله ، وهو الكتاب المصدّق لما معهم ، أي إنهم اختاروا الكفر على الإيمان وبذلوا أنفسهم فيه ، وكأنهم فقدوها كما يفقد البائع المبيع.
ثم بين علة ذلك فقال :
(بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أي إنهم كفروا لمحض العناد الذي هو نتيجة الحسد ، وكراهة أن ينزل الله الوحي من فضله على من يختاره من عباده ، ولا بغى أقبح من بغى من يريد الحجر على الله ، فلا يرضى أن يجعل الوحى في آل إسماعيل كما جعله من قبل في آل إسحاق.
ثم ذكر مقدار ما نالهم من غضبه فقال :
(فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) أي فرجعوا وهم مستوجبون لغضبين : غضب الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فوق الغضب الذي استحقوه من قبل بإعنات موسى عليه السلام والكفر به.
ثم بين عاقبة أمرهم فقال :
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ) أي ولهم بسبب كفرهم عذاب يصحبه إهانة وإذلال فى الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فما يصيبهم من الخزي والنكال وسوء الحال ، ليكونوا عبرة لمن يخلفهم من بعدهم ، وأما في الآخرة فبخلودهم في جهنم وبئس المصير.