ولبشراه للمؤمنين ، وقوله : بإذن الله يرشد إلى أن مناجاته لروحك ومخاطبته قلبك ، إنما كان بأمر الله لا افتياتا منه ، فعداوته لا تمنع من الإيمان بك ، ولا تصلح أن تكون عذرا لهم ، إذ القرآن من عند الله لا من عنده.
(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي هو موافق للكتب التي تقدمته فيما يدعو إليه من توحيد الله والسير على السنن القويم.
(وَهُدىً) أي أنزله الله هاديا من الضلالات والبدع التي طرأت على الأديان.
(وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي إنه بشرى لمن آمن به ، فليس لكم أن تتركوها لأجل أن جبريل جاء منذرا بخراب بيت المقدس ، لأنه إنما أنذر المفسدين.
وكل هذه حجج أقامها لبيان سخفهم وكمال حمقهم ، وللإرشاد إلى أنها لا تصلح أن تكون مانعة من الإيمان بكتاب أنزله الله جامع لكل هذه الصفات الشريفة.
(مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) عداوة لله مخالفة أوامره وعدم القيام بطاعته ، والكفر بما ينزله لهداية الناس على لسان رسله
(وَمَلائِكَتِهِ) بكراهة العمل بما يعهد به إليهم ربهم من رسالات يبلغونها للناس.
(وَرُسُلِهِ) بتكذيبهم في دعوى الرسالة مع قيام الأدلة على صدقها ، أو بقتل بعضهم كما فعلوا مع زكريا ويحيى.
(وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) بادّعاء أن الأول يأتي بالآيات والنذر ، ومن عاداه فقد عادى ميكائيل ، لأن الداعي إلى محبتهم وعداوتهم واحد.
(فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) أي من عادى الله وعادى هؤلاء المقربين عنده ، فالله عدوّ له ، لأنه كافر به ومعاد له ، وهو الظالم لنفسه حين دعاه فلم يجب.
وفي هذا من شديد الوعيد ما لا يخفى ، إذ فيه تصريح بأنهم أعداء الحق وأعداء كل من يدعو إليه ، ومعاداة القرآن كمعاداة سائر الكتب السماوية ، لأن المقصد من الجميع واحد وهو هداية الناس وإرشادهم إلى سبل الخير ، ومعاداة محمد صلى الله عليه وسلم كمعاداة سائر الأنبياء ، لأن رسالتهم واحدة والمقصد منها متحد.