ونهيه ، فله أن ينسخ ما شاء من الأحكام ، ويقرر ما شاء منها بحسب ما يرى من الفائدة.
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي ناصركم ومعينكم هو الله وحده فلا تبالوا بمن ينكر النسخ أو يعيبكم به ، وليس في استطاعته أن يلحق بكم أذى.
(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) أي أتريدون أن تسألوا رسولكم أن يجيئكم بآيات بينات فوق ما جاءكم به ، فيكون مثلكم مثل اليهود الذين سألوا موسى ما لا يجوز سؤاله تبرما وتعنتا كقولهم : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً).
وفي هذا نصح للمسلمين أن يعملوا بما يأمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وينتهوا عما نهاهم عنه ولا يطلبوا منه غير ما جاءهم به.
ثم أتبع التحذير بالوعيد فقال :
(وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أي ومن يترك الثقة بالآيات البينة المنزّلة بحسب المصالح ويطلب غيرها تعنتا وعنادا للنبى صلى الله عليه وسلم ، فقد اختار الكفر على الإيمان ، واستحبّ العمى على الهدى ، وبعد عن الحق والخير ، ومن حاد عن الحق وقع في الضلال (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ).
وسبب نزول هذه الآية أن رافع بن خزيمة ووهب بن زيد قالا للنبى صلى الله عليه وسلم : ائتنا بكتاب من السماء نقرؤه ، وفجّر الأنهار نتبعك.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠))