بلا حصر ولا نهاية ، وهذا اللفظ خاص بالله تعالى ولم يسمع عن العرب إطلاقه على غيره تعالى إلا فى شعر
لبعض من فتن بمسيلمة الكذاب :
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبا |
|
وأنت غيث الورى لازلت رحمانا |
والرّحيم هو الثابت له صفة الرحمة التي عنها يكون الإحسان.
وقد ذكر سبحانه هذين الوصفين ليبين لعباده أن ربوبيته ربوبية رحمة وإحسان ، ليقبلوا على عمل ما يرضيه وهم مطمئنو النفوس منشر حو الصدور ، لا ربوبية جبروت وقهر لهم.
والعقوبات التي شرعها الله لعباده فى الدنيا والعذاب الأليم فى الآخرة لمن تعدّى حدوده وانتهك حرماته ـ هى قهر فى الظاهر ورحمة فى الحقيقة ، لأنها تربية للناس وزجر لهم حتى لا ينحرفوا عن الجادة التي شرعها لهم إذ في اتباعها سعادتهم ونعيمهم ، وفى تجاوزها شقاؤهم وبلاؤهم ، ألا ترى إلى الوالد الرءوف كيف يربّى أولاده بالترغيب في عمل ما ينفع والإحسان إليهم إذا لزموا الجادّة ، فإذا هم حادوا عن الصراط السوي لجأ إلى الترهيب بالعقوبة حين لا يجد منها محيصا ، قال أبو تمام :
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما |
|
فليقس أحيانا على من يرحم |
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قرأ بعض القرّاء مالك ، وبعض آخر ملك ، والفارق بينهما أن المالك هو ذو الملك (بكسر الميم) والملك هو ذو الملك (بضم الميم) وقد جاء فى الكتاب الكريم ما يعاضد كلّا من القراءتين ، فيعاضد الأولى قوله : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) ويعاضد الثانية قوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ).
قال الراغب : والقراءتان وإن رويتا عن جمع كثير من الصحابة ، فالثانية يكنفها من الجلال والرّوعة وإثارة الخشية ما لا يوجد مثله فى القراءة الأولى ، فهى تدلّ على أنه سبحانه هو المتصرف فى شئون العقلاء بالأمر والنهى والجزاء ، ومن ثمّ يقال ملك الناس ولا يقال ملك الأشياء :
والدين يطلق لغة على الحساب ، وعلى المكافأة ، وعلى الجزاء ، وهو المناسب هنا ،