فنعى عليهم خبثهم في قوله : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر ، ونفى عليهم مكرهم في قوله : يخادعون الله والذين آمنوا : وفضجهم في قوله : وما هم بمؤمنين ، وفي قوله. وما يخدعون إلا أنفسهم ، وفي قوله : في قلوبهم مرض ، واستجهلهم في قوله :
وما يشعرون ، وفي قوله : ولكن لا يشعرون ، وفي قوله : ولكن لا يعلمون ، وتهكّم بفعلهم فى قوله : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ، ودعاهم صما بكما عميا في قوله : صم بكم عمى فهم لا يرجعون ، وضرب لهم شنيع الأمثال في قوله : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا إلخ وفي قوله : أو كصيب من السماء إلخ.
الإيضاح
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أصل ناس أناس ويشهد له إنسان وإنسى ، وسموا بذلك لظهورهم وتعلق الإيناس بهم ، كما سمى الجن جنّا لاجتنانهم واختفائهم.
من يقول إلخ هم أولئك النفر من المنافقين الذين كانوا في عصر التنزيل كعبد الله ابن أبيّ بن سلول وأصحابه وأكثرهم من اليهود ، ولهم نظراء في كل عصر ومصر.
واليوم الآخر ـ هو من وقت الحشر إلى ما لا يتناهى ، أو إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، وخصّوا بالذكر الإيمان بهما ، إشارة إلى أنهم أحاطوا بجانبي الإيمان أوله وآخره ، وهم لم يكونوا كذلك ، إذا كانوا مشركين بالله لأنهم يقولون عزير ابن الله ، وجاحدين باليوم الآخر ، إذ قالوا : لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ، وقد حكى الله عبارتهم ليبين كمال خبثهم ، لأن ما قالوه لو صدر عنهم لا على وجه الخداع والنفاق مع ما هم عليه لم يكن ذلك إيمانا لاتخاذهم الولد واعتقادهم أن الجنة لا يدخلها غيرهم ، فما بالك بهم وهم قالوه تمويها على المؤمنين واستهزاء بهم.
(وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) أي وما هم بداخلين في عداد المؤمنين الصادقين الذين يشعرون