إلى الوحدة والالتئام ، يدعون إلى الفرقة والانفصام ، وأىّ إفساد في الأرض أعظم من التنفير من اتباع الحق ، والسير على منهاج الباطل ومؤازرة أهله.
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) أي هم وحدهم هم المفسدون دون من أو مأوا إليهم ، لأن لهم سلفا صالحا تركوا الاقتداء بهم ، وفي هذا الأسلوب مبالغة في الرد عليهم. ودلالة على السخط العظيم.
(وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) بهذا الإفساد لأنه أصبح غريزة في طباعهم بما تمكن فيها من الشبه بتقليدهم أحبارهم الذين أشربت قلوبهم تعظيمهم والثقة بآرائهم.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) الذين اتبعوا قضية العقل وسلكوا سبيل الرشاد ، وكان للإيمان سلطان على نفوسهم ، وعليه بنوا تصاريف أعمالهم كعبد الله ابن سلام وأشباهه من أحبارهم.
(قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ؟) أرادوا بالسفهاء أتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
أما المهاجرون منهم فلأنهم عادوا قومهم وأقاربهم وهجروا أوطانهم وتركوا ديارهم ، ليتّبعوا النبي صلى الله عليه وسلم ويسيروا على هديه. وأما الأنصار فلأنهم شاركوا المهاجرين فى ديارهم وأموالهم.
ولا يستبعد ممن انهمك في السفاهة وتمادى في الغواية ، وممن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا وظن الضلال هدى أن يسمى الهدى سفها وضلالا.
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ) وحدهم دون من عرّضوا بهم ونسبوهم إلى السفه ، إذ هم لهم سلف صالح تركوا الاقتداء بهم واكتفوا بانتظار شفاعتهم ، وإن لم يجروا على هديهم وسنتهم ، بخلاف أولئك الذين لا سلف لهم إلا عابدو أصنام ، وقد هداهم الله وصارت قلوبهم مطمئنة بالإيمان.
(وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) ما الإيمان وما حقيقته؟ حتى يعلموا أن المؤمنين سفهاء أو عقلاء.