(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) وصفهم الله بهذه الصفات مع سلامة مشاعرهم ، من قبل أنهم فقدوا منفعة السمع ، فلا يصغون لعظة واعظ ولا إرشاد مرشد ، بل هم لا يفقهون إن سمعوا فكأنهم صمّ لا يسمعون ، كما فقدوا منفعة الاسترشاد وطلب الحكمة ، فلا يطلبون برهانا على قضية ، ولا بيانا عن مسألة تخفى عليهم ، فكأنهم بكم لا يتكلمون وفقدوا منافع الإبصار من النظر والاعتبار ، فلا يرون ما يحلّ بهم من الفتن فينزجروا ، ولا يبصرون ما تتقلّب به أحوال الأمم فيعتبروا.
(فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) أي فهم لا يعودون من الضلالة إلى الهدى الذي تركوه وأضاعوه ، إذ من فقد حواسه لا يسمع صوتا يهتدى به ، ولا يصيح لينقذ نفسه ، ولا يرى بارقا من النور يتجه إليه ويقصده ، ولا تزال هذه حاله ، ظلمات بعضها فوق بعض حتى يتردّى فى مهاوى الهلاك.
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
تفسير المفردات
الصيّب : المطر يصوب وينزل ، من الصوب وهو النزول. والرعد : هو الصوت الذي يسمع في السحاب أحيانا عند تجمعه. والبرق : هو الضوء الذي يلمع في السحاب غالبا ، وربما لمع في الأفق حيث لاسحاب ، وأسباب هذه الظواهر اتحاد كهربيّة السحاب الموجبة بالسالبة كما تقرر ذلك في علم الطبيعيات. والصاعقة : نار عظيمة تنزل أحيانا