(وَالسَّماءَ بِناءً) أي وهو الذي كوّن السماء بنظام متماسك كنظام البناء ، وسوّى أجرامها على ما نشاهد وأمسكها لسنة الجاذبية ، حتى لا تقع على الأرض ولا يصطدم بعضها ببعض ، حتى يأتي اليوم الموعود.
(وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) أي وهو الذي أنزل من السماء مطرا يسقى به الزرع ، ويغذّى به النبات ، فأخرج به ثمرا نأكل منه وننتفع به.
(فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) الأنداد هم الذين خضع الناس لهم وقصدوهم في قضاء حاجاتهم ، وكان مشركو العرب يسمون ذلك الخضوع عبادة ، إذ لم يكن عندهم شرع ينهاهم عن عبادة غير الله ، وأهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أندادا وأربابا كانوا يتحاشون هذا اللفظ ، فلا يسمون ذلك الاتخاذ عبادة ولا أولئك المعظمين آلهة وأندادا ، بل يسمون دعاءهم غير الله والتقرب إليه توسلا واستشفاعا ، ويسمون تشريعهم لهم بعض العبادات ، وتحليل المنكرات ، وتحريم بعض الطيبات ، فقها واستنباطا من التوراة ، والكل متفقون على أنه لا خالق إلا الله ولا رازق إلا هو.
(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي وإنكم لتعلمون بطلان ذلك ، وإنكم إذا سئلتم من رزقكم من السموات والأرض ومن يدبر الأمر؟ تقولون : الله ، فلم إذا تدعون غيره ، وتستشفعون به؟
ومن أين أتيتم بهذه الوسائط التي لا تضر ولا تنفع؟ ومن أين جاءكم أن التقرب إلى الله يكون بغير ما شرعه الله حتى قلتم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى).
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤))