أنك نشدتنى بهذا لم أخبرك ، نجد حد الزاني فى كتابنا الرجم ، ولكنه كثر فى أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا تعالوا فلنجتمع على شىء نقيمه على الشريف والوضيع ، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم إنى أول من أحيا أمرك إذ أماتوه وأمر به فرجم فأنزل الله (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ـ إلى قوله ـ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ)».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عمر قال : «إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال : ما تجدون فى كتابكم؟ قالوا نسخّم وجوههما ويخزيان ، قال : كذبتم إن فيها الرجم (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فجاءوا بالتوراة وجاءوا بقارئ لهم أعور يقال له ابن صوريا فقرأ حتى إذا أتى إلى موضع منها وضع يده عليه ، فقيل له : ارفع يدك فرفع يده فإذا هى تلوح (أي آية الرجم) فقالوا : يا محمد إن فيها الرجم ، ولكنا كنا نتكاتمه بيننا ، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما ، فلقد يجأ عليها (ينحنى) يقيها الحجارة بنفسه».
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) خاطب الله محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله يا أيها النبي فى مواضع كثيرة وما خاطبه بيا أيها الرسول إلا فى هذا الموضع وموضع آخر بعده «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» وهذا الخطاب للتشريف والتعظيم وتأديب المؤمنين وتعليمهم أن يخاطبوه بوصفه كما كان يفعل بعض أصحابه بقولهم (يا رسول الله) وجهل هذا بعض الأعراب لخشونتهم وسذاجة فطرتهم فكانوا ينادونه (يا محمد) حتى أنزل الله «لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً» فكفّوا عن ندائه باسمه.