لمصالح دنيوية لا تدخل فى النهى الذي فى الآية ، كما إذا حالف المسلمون أمة غير مسلمة على أمة مثلها لا تفاق مصلحة المسلمين مع مصلحتها ، فمثل هذا لا يكون محظورا.
ثم ذكر العلة والسبب فى الوعيد السابق فقال :
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن من يوالى أعداء المؤمنين وينصرهم أو يستنصر بهم فهو ظالم بوضعه الولاية فى غير موضعها ، والله لا يهديه لخير ولا يرشده إلى حق.
ثم أخبر أن فريقا من ضعاف الإيمان يفعل ذلك فقال :
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) أي فترى المنافقين الذين اعتل إيمانهم ولم يصل إلى مرتبة اليقين كعبد الله بن أبىّ وغيره من المنافقين يمتّون إلى اليهود بالولاء والعهود ، ويسارعون فى هذه السبيل التي سلكوها ، وكلما سنحت لهم الفرصة لتوثيق ولائهم وتأكيده ابتدروها ليزيد تمكنا وثباتا.
ثم ذكر السبب الذي حداهم إلى ذلك فقال :
(يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) أي يقولون بألسنتهم : نحن نخشى أن تقع بنا مصيبة من مصايب الدهر فنحتاج إلى نصرتهم لنا ، فعلينا أن نتخذ لنا أيادى عندهم فى السراء ، ننتفع بها إذا مستنا الضراء.
وخلاصة ذلك ـ إنهم يخشون أن تدول الدّولة لليهود أو المشركين على المؤمنين فيحل بهم العقاب ، لأنهم فى شك من نصر الله لنبيه وإظهار دينه على الدين كله ، إذ لم يوقنوا بنبوته ولا بصدقها ، وهكذا شأن المنافقين فى كل زمان ومكان ، فكثير من وزراء بعض الدول الضعيفة يتخذ له يدا عند دولة قوية يلجأ إليها إذا أصابته دائرة فتغلغل نفوذ هذه الدول فى أحشاء هذه الدولة ، وضعف استقلالها فى بلادها بعملهم ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ثم رد على هؤلاء المنافقين وقطع أطماعهم وبشر المؤمنين فقال :
(فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) أي فلعل الله بفضله وصدق ما وعد به رسوله يأتى بالفتح والفصل بين للمؤمنين