والناس عن مثل هذا غافلون ، وإلى حكمة الدين ومقاصده لا ينظرون ، ويحسبون أنهم على شىء ، ألا إنهم هم الكاذبون.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي إن الذين صدقوا الله ورسوله ، والذين دخلوا اليهودية ، والصابئين الذين يعبدون الملائكة ويصلّون إلى غير القبلة ، والنصارى ، من أخلص منهم الإيمان بما ذكر دواما وثباتا كما فى المؤمنين المخلصين ، أو إيجادا وإنشاء كما هو حال المنافقين وغيرهم من الطوائف الأخرى ، فلا خوف عليهم فيما قدموا عليه من أهوال القيامة ولا هم يحزنون على ما خلّفوا وراءهم من لذات الدنيا وعيشها بعد معاينتهم ما أكرمهم الله به من جزيل ثوابه.
وفى الآية إيماء إلى أن أهل الكتاب لم يقيموا دين الله ، لا الوسائل منه ولا المقاصد ، فلا هم حفظوا نصوص الكتب كلها ، ولا هم تركوا ما عندهم منها على ظواهرها ، ولا هم آمنوا بالله واليوم الآخر على الوجه الذي كان عليه سلفهم الصالح ، ولا هم عملوا الصالحات كما كانوا يعملون ، إلا قليلا منهم عذّبوا على توحيد الله ورموا بالزندقة لرفضهم تقاليد الكنائس والبدع التي شرعها الأحبار والرهبان ، كما أن فيها ترغيبا لمن عدا من ذكروا فى الإيمان والعمل الصالح ليكون لهم من الجزاء مثل ما لأولئك.
(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ