قَبْلِكَ) أي لكن أهل العلم الصحيح بالدين منهم المستبصرون فيه غير التابعين للظن الذين لا يشترون به ثمنا قليلا من المال والجاه ، والمؤمنون من أمتك إيمان إذعان لا إيمان عصبية وجدل ، يؤمنون بما أنزل إليك من البينات والهدى وما أنزل على موسى وعيسى وغيرهما من الرسل ، ولا يفرقون بين الله ورسله بهوى ولا عصبية.
روى ابن إسحق والبيهقي فى الدلائل عن ابن عباس أن الآية نزلت فى عبد الله بن سلام وأسيد بن سعية وثعلبة بن سعية حين فارقوا يهود وأسلموا.
(وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) أي وأخص منهم المقيمين الصلاة الذين يؤدونها على وجه الكمال ، فهم أجدر المؤمنين بالرسوخ فى الإيمان ، إذ إقامتها بإتمام أركانها علامة كمال الإيمان واطمئنان النفس به.
(وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر مثل المقيمين الصلاة فى استحقاق المدح بالتبع ، إذ إقامتها تستدعى إيتاء الزكاة ، فإن الذي يقيمها على الوجه الذي طلبه الدين لا يمنع الزكاة ، إذ هى مما تزكى النفس وتعلى الهمة وتهوّن على النفس المال ، قال تعالى : «إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ» الآية.
(أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً) أي هؤلاء الذين وصفوا بما ذكر كله سنعطيهم أجرا عظيما لا يدرك وصفه إلا علّام الغيوب.
(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (١٦٣) وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً (١٦٤)