«استفت قلبك ، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأنّ إليه القلب ، والإثم ما حاك فى النفس وتردّد فى الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك».
والأمر بالتعاون على البر والتقوى من أركان الهداية الاجتماعية فى القرآن ، إذ يوجب على الناس أن يعين بعضهم بعضا على كل ما ينفع الناس أفرادا وجماعات فى دينهم ودنياهم وعلى كل عمل من أعمال التقوى التي يدفعون بها المفاسد والمضار عن أنفسهم.
وقد كان المسلمون فى الصدر الأول يتعاونون على البر والتقوى بدون حاجة إلى ارتباط بعهد كما تفعله الجماعات اليوم ، فإن عهد الله وميثاقه كان مغنيا لهم عن غيره ، ولكن لما نكثوا ذلك العهد صاروا فى حاجة إلى تأليف هذه الجماعات لجمع طوائف المسلمين وحملهم على إقامة هذا الواجب (التعاون على البر والتقوى).
وقلما ترى أحدا الآن يعينك على عمل من أعمال البر إلا إذا كان مرتبطا بعهد معك لغرض معين ومن ثم كان تأليف الجماعات مما يتوقف عليه أداء هذا الواجب غالبا.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي واتقوا الله بالسير على سننه التي بينها لكم فى كتابه وفى نظم خلقه ، حتى لا يصيبكم عقابه بالإعراض عن هدايته ، فهو شديد العقاب لمن لم يتقه باتباع شرعه ومراعاة سننه فى خلقه ، إذ لا محاباة ولا هوادة فى عقابه ، فهو لم يأمر بشىء إلا إذا كان نافعا ولم ينه عن شىء إلا إذا كان ضارا ، وكذلك بعدم مراعاة السنن ، لأن لذلك تأثيرا فى خلق الإنسان وعقائده وأعماله وكل ذلك مما يوقعه فى الغواية وينتهى به إلى سوء العاقبة.
وهذا العقاب يشمل عقاب الدنيا والآخرة كما جاء فى بعض الآيات التصريح بذلك ، وفى بعضها التصريح بأحدهما كقوله فى عذاب الأمم فى الدنيا «وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ».