لقصد تعظيم البيت الحرام إذا لم يذكر اسم غير الله عليه ، وهو من خرافات الجاهلية التي جاء الإسلام بمحوها.
وخلاصة ما تقدم ـ إن الله تعالى أحلّ أكل بهيمة الأنعام وسائر الطيبات من الحيوان ، ما دبّ منها على الأرض ، وما طار فى الهواء ، وما سبح فى البحر ، ولم يحرم إلا الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله.
وقد كان بعض العرب يذبح الحيوان على اسم غير الله وهو شرك وفسق ، وبعضهم يأكل الميتة ويقول لم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟ ولكن الفارق بينهما ما فى هذا من مظنة الضرر ، وفيه مهانة للنفس ، ومن ثم جعل الله حل أكل المسلم لذلك منوطا بإتمام موته والإجهاز عليه بفعله هو ليذكر اسم الله عليه فلا يكون من عمل الشرك ، ولئلا يقع فى مهانة أكل الميتة وخسة آكلها بأكله المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وفريسة السبع ـ إلى ما فى الموقوذة من إقرار الواقذ على القسوة وظلم الحيوان وذلك محرم شرعا.
ثم أضاف إلى محرمات الطعام التي كان أهل الجاهلية يستحلونها عملا آخر من أعمالهم وخرافاتهم فقال :
(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) الأزلام واحدها زلم : وهو قطعة من الخشب على هيئة السهم ، لكن لا يركب فيه النصل الذي يجرح ما يرمى به من صيد وغيره ؛ وكانت الأزلام ثلاثة ، كتب على أحدها «أمرنى ربى» وعلى الثاني «نهانى ربى» والثالث غفل ليس عليه شىء ، فإذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو زواجا أو بيعا أو نحو ذلك أجال «حرّك» هذه الأزلام ، فإن خرج له الزلم المكتوب عليه «أمرنى ربى» مضى لما أراد ، وإن خرج المكتوب عليه «نهانى ربى» أمسك عن ذلك ولم يمض فيه ، وإن خرج الغفل الذي لا كتابة عليه أعاد الاستقسام ، وهو : طلب معرفة ما قسم له دون ما لم يقسم بواسطة الأزلام.