أوتوا التوراة والإنجيل ودانوا بهما أو بأحدهما حلال لكم دون ذبائح أهل الشرك الذين لا كتاب لهم من عبدة الأصنام والأوثان.
وروى ابن جرير عن أبى الدرداء وابن زيد أنهما سئلا عما ذبحوه للكنائس فأفتيا بأكله ، قال ابن زيد : أحل الله طعامهم ولم يستثن منه شيئا ، وقال أبو الدرداء ـ وقد سئل عن كبش ذبح لكنيسة يقال لها جرجيس أهدوه لها. أنأكل منه؟ اللهم عفوا ، إنما هم أهل كتاب ، طعامهم حل لنا وطعامنا حل لهم ، وأمره بأكله.
(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) أي وذبائحكم أيها المؤمنون حل لأهل الكتاب ، فلا جناح عليكم أن تطعموهم من طعامكم أو تبيعوهم منه.
وفائدة ذكر ذلك بيان أن إباحة الذبائح حاصلة من الجانبين ، وليس كذلك إباحة المناكحة ، فذكره للتميز بين النوعين.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ).
المحصنات هنا الحرائر : أي وأحل لكم أيها المؤمنون نكاح الحرائر من المؤمنات ونكاح الحرائر من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وهم اليهود والنصارى إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم مهورهن.
وتقييد الحل بإتيان المهور لتأكيد الوجوب لا لاشتراطه فى الحل ، وتخصيص الحرائر بالذكر للحث على ما هو الأولى منهن ، لا لأن من عداهن لا يحل ، إذ نكاح الإماء المسلمات صحيح بالاتفاق. وكذا نكاح الإماء الكتابيات عند أبى حنيفة.
(مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) المحصنون : الأعفاء عن الزنا ، والمسافحون الذين يأتون الفاحشة مجاهرين بها ، والمتخذو الأخدان : الذين يأتونها سرّا بالاختصاص بخدن من الأخدان ، والخدن يطلق على الصاحب والصاحبة : أي هن حل لكم إذا آتيتموهن أجورهن فعلا والتزمتم به حال كونكم أعفّاء عن الزنا جهرا وسرا ،