وتحريف للأوامر والنواهي ، ويجازيهم على ذلك بقدر ما يستحقون ، ليعلموا أنه حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة.
بين الله فى هذه الآية أن النصارى نسوا حظا مما ذكروا به كما نسى اليهود ، وسرّ هذا أن المسيح عليه السلام لم يكتب ما ذكّرهم به من المواعظ وتوحيد الله وتنزيهه وطرق الإرشاد إلى عبادته ، وكان الذين اتبعوه من العامة ، وأمثلهم حواريّه ، وهم من الصيادين ، وقد اشتد اليهود فى مطاردتهم فى كل مكان ، ومن ثم لم تكن لهم جماعات ذات نفوذ وقوة وعلم تدوّن ما حفظوه من الإنجيل إلى أن كثيرا من الناس كانوا يبثون تعاليم باطلة عن المسيح ، ومنهم من كتب مثل هذا حتى إن الكتب التي سمّوها الأناجيل كانت كثيرة جدا ، ولم تظهر الأناجيل الأربعة التي عليها المعوّل عندهم الآن إلا بعد ثلاثة قرون من تاريخ المسيح ، عند ما صار للنصارى دولة بدخول الملك قسطنطين فى النصرانية ، وإدخاله إياها فى طور جديد من الوثنية وهى تاريخ ناقص للمسيح ، على ما بها من تعارض وتناقض ، مع كونها مجهولة الأصل والتاريخ ، وقد أقاموا بناء دينهم وكتبهم التي يسمونها (العهد الجديد) على أساس كتب اليهود التي يسمونها كتب العهد العتيق وقد علمت شأنها فيما سلف.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦))