على ما يريد من قولهم : نخلة جبارة ، أي طويلة لا ينال ثمرها بالأيدى.
إن سكان تلك البلاد فى ذلك الحين هم بنى عناق ، وكانوا أولى قوة وبأس ، طوال القامة ضخام الأجسام ، وقد ورد فى وصفهم فى الإسرائيليات من الخرافات التي كان يبثها اليهود فى المسلمين ما لا يصدقه العقل ولا ينطبق على ما عرف من سنن الله فى خلقه كقولهم : إن العيون (الجواسيس) الاثنى عشر الذين بعثهم موسى إلى ما وراء الأردن ليتجسسوا ويخبروه بحال تلك الأرض ومن فيها قبل أن يدخلها قومه ، رآهم أحد الجبارين فوضعهم كلهم فى كسائه ، وفى رواية أخرى إن أحدهم كان يجنى الفاكهة فكان كلما أصاب واحدا من هؤلاء العيون وضعه فى كمّه مع الفاكهة ـ إلى نحو أولئك من روايات بعيدة عن الصدق ، فالمصريون هم هم ، ونسل الكنعانيين مشاهد معروف لا يمكن أن تكون أصوله على ما وصفوا.
وهذه القصة مبسوطة فى السفر الرابع من أسفار التوراة ففيها : إن الجواسيس تجسسوا أرض كنعان كما أمروا وأنهم قطعوا فى عودتهم زرجونة فيها عنقود عنب واحد حملوه بعتلة بين اثنين منهم مع شىء من الرمان والتين ، وقالوا لموسى وهو فى ملأ بنى إسرائيل : قد صرنا إلى الأرض التي بعثتنا إليها فإذا هى بالحقيقة تدرّ لبنا وعسلا وهذا ثمرها ، غير أن الشعب الساكنين فيها أقوياء ، والمدن حصينة عظيمة جدا ، ورأينا ثمّ أيضا بنى عناق ـ إلى أن قال : وقد رأينا ثمّ من الجبابرة ، جبابرة بنى عناق ، فصرنا فى عيوننا كالجراد ، وكذلك كنا فى عيونهم ـ وذكر فى فصل آخر : تذمّر بنى إسرائيل من أمر موسى لهم بدخول تلك الأرض ، وأنهم بكوا وتمنّوا لو أنهم ماتوا فى أرض مصر أو فى البرّيّة وقالوا : لما ذا أتى الرب إلى هذه الأرض حتى نسقط تحت السيف وتصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة ، أليس خيرا لنا أن نرجع إلى مصر؟ إلخ.
والخلاصة ـ إن موسى لما قرب بقومه من حدود الأرض المقدسة العامرة الآهلة أمرهم بدخولها مع الاستعداد لقتال من يقاتلهم من أهلها ، وإنهم لما غلب عليهم من