غير أنّ المطلوب الذي ينفعنا هو نفس عدم اختصاص الأحكام بالعالم على نحو السالبة المحصّلة ، فيكون التقابل بين اشتراك الأحكام واختصاصها بالعالم من قبيل تقابل السلب والإيجاب ، لا من باب تقابل العدم والملكة ؛ لأنّ المراد من الاشتراك نفس عدم الاختصاص بالعالم.
وهذا السلب يكفي في استفادته من أدلّة الأحكام نفس إثبات امتناع الاختصاص ، ولا يحتاج إلى مئونة (١) زائدة لإثبات الإطلاق ، أو إثبات نتيجة الإطلاق بمتمّم الجعل من إجماع أو أدلّة أخرى ؛ لأنّه من نفس امتناع التقييد نعلم أنّ الحكم مشترك ، لا يختصّ بالعالم.
نعم ، يتمّ ذلك الإشكال لو كان امتناع التقييد ليس إلاّ من جهة بيانيّة ، وفي مرحلة الإنشاء في دليل نفس الحكم ، وإن كان واقعه يمكن أن يكون مقيّدا ، أو مطلقا ، مع قطع النظر عن أدائه باللفظ ؛ فإنّه ـ حينئذ ـ لا يمكن بيانه بنفس دليله الأوّل ، فنحتاج إلى استكشاف الواقع المراد من دليل آخر ، نسمّيه «متمّم الجعل» : ولأجل ذلك نسمّيه بـ «المتمّم للجعل» ، فتحصل لنا نتيجة الإطلاق أو نتيجة التقييد ، من دون أن يحصل تقييد أو إطلاق المفروض أنّهما مستحيلان ، كما كان الحال في تقييد الوجوب بقصد الامتثال في الواجب التعبّديّ.
أمّا لو كان نفس الحكم واقعا ـ مع قطع النظر عن أدائه بأيّة عبارة كانت ، كما فيما نحن فيه ـ يستحيل تقييده ، سواء أدّى ذلك ببيان واحد ، أو ببيانين ، أو بألف بيان ؛ فإنّ واقعه لا محالة ينحصر في حالة واحدة ، وهو أن يكون في نفسه شاملا لحالتي وجود القيد المفروض وعدمه.
وعليه ، فلا حاجة في مثله إلى استكشاف الاشتراك من نفس إطلاق دليله الأوّل ، ولا من دليل ثان متمّم للجعل. ولا نمانع أن نسمّي ذلك «نتيجة الإطلاق» إذا حلا لكم هذا التعبير.
ويبقى الكلام ـ حينئذ ـ في وجه تقييد وجوب الجهر ، والإخفات ، والقصر ، والإتمام
__________________
(١) مئونة ومئونة بمعنى.