الرحمة والوعد لانت الجلود ، وسكنت القلوب ، واطمأنت النفوس قال الزجاج : إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرت جلود الخائفين لله.
(ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ) أي ذلك الكتاب يهدى به الله من يشاء ويوفقه للإيمان.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي ومن يخذله الله عن الإيمان بهذا القرآن والتصديق به ، فما له من مخرج من الضلالة ، ولا موفّق لسلوك طريق الحق.
ثم ذكر علة ما تقدم من تباين حال المهتدى والضالّ فقال :
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي أكل الناس سواء؟ فمن شأنه أن يتقى بوجهه الذي هو أشرف أعضائه العذاب الشديد السيئ يوم القيامة (لأن يده التي كان يتقى بها المكاره في الدنيا مغلولة إلى عنقه) ، كمن هو آمن لا يعتريه مكروه ، ولا يحتاج إلى اتقاء محظور مخوف.
ثم ذكر ما ينال الكفار والعاصين من الإهانة في ذلك اليوم فقال :
(وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) أي وقيل تهكما واستهزاء لمن ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي ـ ذوقوا وبال ما كسبتم في الدنيا ، ودسّيتم به أنفسكم حتى أوقعتموها في الهاوية ، النار الحامية.
ثم ذكر ما أصاب بعض الكفرة من العذاب الدنيوي إثر بيان ما يصيب الجميع من العذاب الأخروى فقال :
(كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ. فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أي إن بعض الأمم الماضية التي كذبت رسلها أتاها العذاب بغتة من حيث لا تحتسب ولا يخطر لها بالبال ، فلحقها الذل والصغار في الحياة الدنيا ، فأصيبت تارة بالمسخ ، وأخرى بالخسف ، وثالثة بالقتل أو السبي أو نحو ذلك من ضروب النكال والوبال ، وإن عذاب الآخرة لأنكى عاقبة وأشد أثرا لو علموا ذلك واعتبروا به.