سلالة من ماء مهين ، ثم جعله بشرا سويا يخاصم ربه فيما قال : إنى فاعل ، فيقول : من يحيى العظام وهى رميم؟ إنكارا منه لقدرته على إحيائها ـ قادر على إعادته بعد موته وحسابه وجزائه على أعماله.
ونحو الآية قوله : «أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ. إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ» وقوله : «إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ» أي من نطفة من أخلاط متفرقة.
والخلاصة ـ إنه تعالى خلق للانسان ما خلق من النعم ليشكر ، فكفر وجحد المنعم والنعم ، وخلقه من نطفة قذرة مذرة ليكون متذللا ، فطغى وبغى وتجبر ، وخاصم ربه واستبعد البعث والإعادة.
(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟) أي وذكر أمرا عجيبا ينفى به قدرتنا على إحياء الخلق ، فقال : من يحيى العظام؟ ونسى خلقنا له ، أفلم يكن نطفة فجعلناه خلقا سويا ناطقا؟ ولا شك أن من فعل ذلك لا يعجزه أن يعيد الأموات أحياء ، والعظام الرميم بشرا كهيئتهم التي كانوا عليها قبل الفناء.
وإجمال ذلك ـ إن بعض المشركين استبعدوا إعادة الله ذى القدرة العظيمة التي خلقت السموات والأرض للأجساد والعظام الرميم ، ونسوا أنفسهم وأنه تعالى خلقهم من العدم ، فكيف هم بعد هذا يستعبدون أو يجحدون؟.
ونحو الآية حكاية عن المشركين : «وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟» وقوله أيضا على طريق الحكاية «أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ. أَوَآباؤُنَا ، الْأَوَّلُونَ».
وقد أمر الله رسوله أن يجيبهم عن استبعادهم ويبكّتهم بتذكيرهم بما نسوه من حقيقة أمرهم وخلقهم من العدم فقال :