وقالوا : أنترك دين آبائنا اتباعا لقول شاعر مجنون ؛ ثم رد عليهم مقالهم بأنه ليس بالمجنون ولا هو بالشاعر ، بل جاء بما هو الحق الذي لا محيص عن تصديقه وهو التوحيد الذي جاء به المرسلون كافة.
الإيضاح
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) أي وأقبل التابعون من الكفار ، ورؤساؤهم المضلون لهم ، يسأل بعضهم بعضا سؤال تقريع وتعنيف على طريق الجدل والخصومة ، إذ أيقنوا أنهم هالكون لا محالة ، وأنهم صائرون إلى عذاب دائم في النار ، فألقى الأتباع مسئولية ما هم فيه على رؤسائهم في الكفر والضلال ، وردّ الرؤساء عليهم حجتهم بما جاء فى الآية بعد.
ثم فصل طريق التساؤل وكيف يحدث فقال :
(قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) أي قال الأتباع لرؤساء الضلال والكفر : إنكم كنتم تمنعوننا عن فعل الخير وتصدوننا عن سلوك طريقه ، وترغّبوننا فيما تدينون به وتعتقدونه ، ومن ثم أضللتمونا وأوقعتمونا في الهلاك الذي نحن صائرون إليه لا محالة.
فردّ الرؤساء عليهم وأجابوهم بجوابين :
(١) (قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي فردوا عليهم منكرين إضلالهم إياهم قالوا : إننا ما أضللناكم ، بل أنتم كنتم بطبيعة أنفسكم مستعدين للكفر بما دسيتم به أنفسكم من أفعال الشرك والمعاصي ، إذ كنتم تشركون بالله سواه من الأوثان والأصنام ، وترتكبون أنواع الفجور والآثام ما كان سببا في الطبع على الأفئدة والقلوب حتى لم تعرفوا للحق سبيلا ، ولا للخير طريقا.
(٢) (وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) أي إننا على فرض إضلالكم وتزيين الكفر لكم ، لم نجبركم عليه ولم نسلبكم اختياركم ، فقلوبكم كانت محبة لما تفعلون ، مسرورة مما تأتون وما تذرون ، مائلة إلى الكفر والعصيان ، تواقّة للسير على سننه