واتباع طريقته ، فما كان منا إلا أن دعوناكم لتؤمنوا بما اخترناه لأنفسنا ، وزينه الشيطان لنا ، ووسوس به إلينا ، فلبّيتم دعوتنا سراعا ، وسرتم فيما نحن فيه سائرون ، إذ كنتم لذلك مستعدين ، ولمثله محبين ، فما كان منا إلا الدعوة ، وكانت منكم الإجابة باختياركم ، لا جبرا لكم.
ثم ذكروا نتيجة لما تقدم فقالوا :
(فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) أي ولأجل أنا بطبعنا كنا قوما طاغين ، وللكفر وتدسية أنفسنا مستعدين ، وعن الإيمان بربنا معرضين ـ ثبت علينا وعيده بأنا ذائقو العذاب لا محالة ، إذ كان من عدله أن يجازى كل نفس بما كسبت ، ويثيبها بما عملت ، وهو الخبير بها وبما اجترحت ، وهذا جزاء لا محيص عنه ، وهو نتيجة حتمية لما فعلنا باختيارنا ، واقتضاه استعدادنا ، فلا يلومنّ كل منا إلا نفسه ، ولا يلم بعضنا بعضا ، ولا داعى إلى الجدل والخصام وشد النكير ، فلا يجنى من الشوك العنب ، ولا يعقب الضلال إلا النار ، عدلا من ربنا كما وعد بذلك على ألسنة رسله ، وكنا بذلك عالمين ، ولكنا كنا عن الخير معرضين ، وعن اتباعه مستكبرين.
(فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) أي إنه لم يكن منا في شأنكم إلا حبّنا أن تكونوا مثلنا وهو غير ملزم لكم ، وإنما أضركم سوء اختياركم ، وقبح استعدادكم ، وهو الذي جعل مصيركم ما تشاهدون من العذاب التي وعدتم به على ألسنة الرسل.
وبعد أن ذكر حالهم أعقبه. بذكر العذاب الذي سيحل بهم جميعا رؤساء ومرءوسين فقال :
(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) أي فإن الفريقين المتسائلين حينئذ مشتركون في العذاب لا محالة ، كما اشتركوا في الضلال والغواية ، وإن كان المغوون أشد عذابا ، لأنهم تحملوا أوزارهم وأوزارا مثل أوزار من أضلوهم كما ثبت في الحديث وقد تقدم ذكره مرارا.
ثم ذكر سبحانه أن هذا عدل منه على مقتضى سننه فقال :