نزل من بلاء الله ، فيثبت قدمه إن جزع ، وليوطن نفسه على الذبح ، ويكتسب المثوبة بالانقياد لأمر الله.
ثم بين أنه كان سميعا مطيعا منقادا لما طلب منه.
(قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) أي قال يا أبت سميعا دعوت ، ومن مجيب طلبت ، وإلى راض ببلاء الله وقضائه توجهت ، فما عليك إلا أن تفعل ما تؤمر به ، وما على إلا الانقياد وامتثال الأمر ، وعلى الله المثوبة ، وهو حسبى ونعم الوكيل.
ولما خاطبه بقوله يا بنى عنى سبيل الترحم ، أجابه بقوله يا أبت على سبيل التوقير والتعظيم وفوض الأمر إليه حيث استشاره ، وأن الواجب عليه إمضاء مارآه.
ثم أكد امتثاله للأمر بقوله :
(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي سأصبر على القضاء ، وأحتمل هذه اللأواء ، غير ضجر ولا برم بما قضى وقدر ، وقد صدق فيما وعد ، وبر في الطاعة لتنفيذ ما طلب منه ، ومن ثم قال سبحانه في شأنه مادحا له «وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ».
ثم ذكر طريق تنفيذ الرؤيا فقال :
(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) أي فلما استسلما وانقادا لأمر الله وفوضا إليه سبحانه الأمر في قضائه وقدره ، وأكب إبراهيم ابنه على وجهه باشارة منه ، حتى لا يرى وجهه فيشفق عليه : و
روى عن مجاهد أنه قال لأبيه : لا تذبحنى وأنت تنظر إلى وجهى ، عسى أن ترحمنى فلا تجهز على ، اربط يدى إلى رقبتى ، ثم ضع وجهى للأرض ، ففعل.
(وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) أي ناداه من خلفه ملك من قبله تعالى : أن قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح. فقد بان امتثالك للأمر ، وصبرك على القضاء : وحينئذ استبشرا وشكرا لله على ما أنعم به عليهما من