ولكن يدفعه : ان تعيين الذمة انما يعتبر لتحقق معنى الملك لا لتشخيص الثمن الذي هو الدرهم الكلي ، وليس معرفة من عليه الثمن إلا كمعرفة من له الثمن الذي قد عرفت خروجه عن حقيقة البيع لان صاحب الذمة هو
__________________
التولية ، وهو اشتراء شخص سلعة بثمن في ذمته ثم إعطاء ما اشتراه من البائع للغير برأس مال ما اشتراه به بان يقول له بعد علمه بالثمن وما يتبعه من الشرط : وليتك العقد ، فاذا قبل الغير لزمه مثله جنسا ووصفا وقدرا وما يتبعه من شرط فالمشتري للسلعة المالك لالتزام بائعها بالاشتراء منه ينقل ما ملكه بالعقد من الالتزام الى من ولاه العقد ، فيصير هذا الثالث مالكا لالتزام البائع والبائع مالكا لالتزامه كما لو كان هو بنفسه مشتريا من أول الأمر فتشتغل ذمته للبائع بالثمن ويضمنه له في طول ضمان المشتري للسلعة ، فلو رجع البائع عليه بالثمن لا يرجع على المشتري. ولو رجع البائع على المشترى بالثمن يرجع به على من ولاه العقد لان ذمته مخرج لذمته.
إذا تبين ذلك ، فقد يقال : ان مجرد نية الغير في اشتراء السلعة من بائعها وان لم تؤثر في صرف الالتزام الى الغير بل هو الملزم به لطرفه البائع لها ولكن قصد الغير باشترائه يصلح بان يكون بمنزلة إيجاب بيع التولية المفتقر الى قبول الغير فان تعقبه ما هو قبول له من اجازة ذلك الغير لذلك العقد حسب ما لواه انصرف العقد وصح إسناده إلى الغير فيلتزم بما يلتزم به القابل في بيع التولية. وبالجملة فالصادر عن المباشر بقصد الغير له نسبة فعلية الى المباشر وقابلية التحويل الى الغير بواسطة قصده المتوقف على قبوله بإجازته وان رد من قصدت المعاملة له وقعت لنفس المباشر واقعا فما ذكره البعض من الفرق بين اسناد المعاملة إلى الغير صريحا من الصحة مع الإجازة والبطلان مع الرد وبين ما إذا قصد كونها للغير من صحتها على كل تقدير فمع الإجازة تنفذ عن المجيز ومع الرد عن المباشر واقعا له وجه وجيه.