بالتكسب بها وأخذ العوض عليها لأن لزوم التبرع بها يوجب الإخلال به دون حفظه ، فيلزم من وجوب التبرع بها نقض الغرض من وجوبها (١)
__________________
(١) محصل ما ذكره سيدنا من الوجه في جواز أخذ الأجرة على الواجبات النظامية أن السبب الموجب لما يتوقف عليه عيش الإنسان ويلزم من عدمه اختلاله ، هو استقامة النظام به وارتفاع الاختلال بوجوده ، وهو متوقف على جواز أخذ الأجرة عليه ، فإنه لو لا جواز ذلك ولزوم التبرع به لا يستقيم النظام ، بل يحصل الاختلال لعدم الاقدام نوعا على ذلك مجانا ، فلا مناص عن جواز أخذ الأجرة عليه.
وهذا وان كان وجها ويحصل به دفع الاشكال عن جواز أخذ الأجرة على الواجب النظامي وقد سبق من سيدنا الأعظم طاب ثراه في (المصابيح) التوجيه به أيضا ، ولكن ما ذكرناه من الوجه فيما سبق من تعليقتنا ، وأوضحناه بما لا مزيد له لعله أوضح ، وحاصله أن الواجب النظامي لم يكن كغيره مما تعلق به تكليف شرعي إلزامي ليكون المكلف ملزما ومقهورا على الإتيان به ومسلوب القدرة شرعا عن تركه المقتضى ذلك عدم ملكيته وسلب ماليته وعدم صحة تعلق الإجارة به والمعاوضة عليه ، بل هو اي الواجب النظامي من العمل اقتضى وجوبه وإلزام العامل به ، ضرورة توقف انتظام العيش عليه ولزوم اختلاله بعدمه وحيث أن الضرورة إنما تقدر بقدرها ، فاللازم على العامل بذله لمن احتاج اليه ، والممنوع حبسه عنه ، ومجرد ذلك لا يقتضي لزوم التبرع به وسقوط ماليته وعليه فله أخذ الأجرة عليه ممن عمل له ومع إعساره له احتسابها دينا عليه واستحصالها عند يساره أو غير ذلك من وجوه الاستحصال عند عدم اليسار.
والحاصل أن ما لا يستقيم النظام الا به من الأعمال ويلزم من عدمه اختلال العيش لنوع الإنسان بمنزلة ما لا يستقيم الا ببذله من أعيان الأموال