الغيرية اقتصر في المنع على ما وجب بالذات.
وفيه ـ مضافا الى عدم الفرق في المنع بين ما وجب لذاته وما وجب لغيره كتحصيل الطهور والساتر للصلاة كما ستعرف ـ انه يظهر منه منع الأجرة على حمل الأموات ، بل هو مندرج فيما ادعى هو عليه عدم الخلاف مع أن حمل الموتى من الواجب الغيري ، بل حفر القبر أيضا مقدمة للدفن فيه ، ولا يقول بجواز أخذ الأجرة عليه بل ينقض عليه بانقاذ الغريق وإطفاء الحريق مع انه مقدمة للنجاة من الهلكة بل وبكل ما يجب لإقامة الدين وحفظ شريعة سيد المرسلين مع انها من الواجبات الغيرية. كما ان القول بالتفصيل بين المنع فيما كان الغرض الأهم منه الآخرة والجواز فيما كان الغرض الأهم منه الدنيا كما تقدم من مفتاح الكرامة منقوض أيضا بالانقاذ والإطفاء المتقدمين إذا كان الغرض دنيويا فتأمل (١).
مع أنه لا يكاد ينضبط بميزان معلوم يرجع اليه عند الشك والاختلاف.
__________________
(١) تقدمت عبارة السيد في مفتاح الكرامة نقلناها بنصها ص ١١ ويمكن ان يقال : أن السيد في مفتاح الكرامة لم يجعل المناط في جواز أخذ الأجرة مطلق ما كان للغرض فيه الدنيا ، وان كان شخصيا لينقض عليه بالانقاذ والإطفاء فيما لو كان الغرض فيه دنيويا ـ كما ذكره سيدنا المصنف ـ قدس سره ـ بل الظاهر أن مراده ما كان الغرض النوعي فيه الدنيا يجوز أخذ الأجرة فيه بخلاف ما كان الغرض فيه الآخرة فلا يجوز أخذ الأجرة عليه والغرض من إنقاذ الغريق وإطفاء الحريق ـ نوعا ـ حفظ النفوس والأموال المحترمة وهو غرض أخروي يقصد به الأجرة والثواب نوعا ، ولعل أمر سيدنا المصنف بالتأمل إشارة الى عدم تمامية النقض المذكور.