فإذا الأقوى هو ما ذكرناه من المنع عن ذلك في غير التوصلي من الواجبات الكفائية مطلقا ـ ذاتيا كان الواجب أو غيريا ـ لانتفاء ما هو المعتبر في صحة المعاوضة وقابليتها لترتب الأثر عليها من الشروط الثلاثة المتقدمة المفقود جميعها في بعض الواجبات وبعضها في جميعها. وأما الكفائي التوصلي ، فلا مانع من صحة تعلق الإجارة به بعد وجود المنفعة فيه للمستأجر ، ولو بسقوط التكليف عنه بفعله ، فيشمله عمومات أدلة العقود.
وكيف كان فالمدار في صحة تعلق الإجارة وغيرها من العقود على اجتماع تلك الشروط المتقدمة وعدمه وحيث لا مانع من جهتها في التوصلي من الفروض الكفائية جاز أخذ العوض عليها كما عليه جدنا (في المصابيح (١) تبعا لغير واحد ممن تقدم عليه غير أن بعض الفروض الكفائية ربما يستفاد من أدلة وجوبها صيرورة ذلك العمل حقا للغير يستحقه من المكلف كما يدعى :
أن الظاهر من أدلة وجوب تجهيز الميت أن للميت حقا على الأحياء في التجهيز فكل من فعل شيئا منه في الخارج فقد أدى حق الميت ، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه وكذا تعليم الجاهل أحكام عباداته الواجبة عليه وما يحتاج إليه كصيغة النكاح ونحوها لكن تعيين هذا يحتاج الى لطف قريحة.
وان أبيت ذلك فنقول : ان مقتضى القاعدة جواز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي إذا كان توصليا مطلقا الا ما قام الدليل من إجماع أو غيره على المنع عنه كتجهيز الأموات الذي لم ينقل فيه جواز أخذ الأجرة عليه الا ما يحكى عن المرتضى رحمه الله ولعل خلافه كما حكى عنه في وجوب التجهيز على غير الولي بناء منه على الترتيب في الوجوب بين الولي وغيره لا في حرمة أخذ الأجرة على تقدير الوجوب عليه.
__________________
(١) كما مر آنفا ما نقلناه عنه في المصابيح ص ١٢.