ولا يتوهم النقض بجواز أخذ السبق (١) في عقد المسابقة مع أن البذل من الباذل بإزاء ما لا منفعة له فيه ، لأنه من المحتمل قويا أنه من الالتزام بالعطية والوعد بها على تقدير السبق غير أن الالتزام بما التزم به انما هو لدليله الخاص ، فهو مستثنى من الرهان المنهي عنه في الاخبار شرّع لتحصيل الاستعداد على القتال والجهاد ، وليس من المعاملة بشيء حتى يتم النقض به ، وان وقع التعبير بها في كلام بعض الفقهاء.
الثاني ـ ان لا يكون العمل مما يعتبر في صحته وترتب الأثر عليه ما ينافي إتيانه للوفاء به ، والا كان المأتي به غير المعوض عليه والمعوض عليه غير المأتي به فيكون أكل المال ـ حينئذ ـ أكلا بالباطل.
الثالث ـ أن لا يكون مستحقا عليه بحيث يخرجه عن كونه مملوكا له سواء كان الحق لله أم لغيره مستأجرا كان أم غيره ، ولذا لا يجوز أخذ العوض على الزكاة ممن دفعها اليه ، وان وجد مستحق سواه ، ومثله أخذ الأجرة على العمل المملوك بخصوصه بإجارة سابقة عليه ضرورة كونه مملوكا للأول فلا يعقل تملكه لغيره ، فاعتبار هذه الشروط في صحة المعاملة وقابليتها لترتب الأثر عليها مما لا شك فيه ولا شبهة تعتريه.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : اختلفت كلمات الفقهاء في هذه المسألة على أقوال : فبين قائل بالمنع عنه ـ مطلقا ـ وهو المشهور ، وفي (المسالك) : هو المشهور وعليه الفتوى (٢) وبين من منع عنه فيما يجب فيه قصد القربة كما عن فخر
__________________
(١) السبق ـ بفتحتين ـ : الخطر الذي يوضع بين أهل السباق ، جمعه اسباق.
(٢) راجع : كتاب التجارة منه في شرح قول المصنف ـ عند تعداد ما يحرم التكسب به ـ : الخامس ما يجب على الإنسان فعله : «.. هذا هو المشهور بين الأصحاب وعليه الفتوى».