فظهر مما ذكرنا سابقا ولا حقا : أن قصد ما ليس من مقومات البيع لا يقدح بصحته مخالفته للواقع غير أنه يتوقف على الرضا بالواقع بعد انكشاف مخالفة المعتقد له ان كان مما يقبل التوقيف عليه والا بطل رأسا كالإيقاعات بناء على عدم جريان الفضولي فيها أو فيما لا يقبل منها بإجماع ونحوه ، فلو باع مال نفسه معتقدا للغير فضولا عنه لو باع مال غيره معتقدا لنفسه صح فيهما وتوقف على إجازته في الأول واجازة المالك في الثاني بعد الانكشاف أو أعتق مملوكه بظن انه مملوك الغير فضولا بل ولو أعتقه عن نفسه كما لو دفع اليه الغاصب مع جهله ، وقال : خذ عبدي وأعتقه عنك ، فأعتقه عن نفسه ثم انكشف انه مملوكه ، بطل العتق رأسا لعدم الطيب في الواقع أو توقف على أجازته بعد الكشف إن قلنا بالفضولي في الإيقاعات. ومنه يعلم أنه لو اذن المالك بالتصرف في ملكه معقدا أنه لغيره لا يصح للمأذون العالم بالكيفية التصرف فيه بتلك الاذن لعدم إحرازه على تقدير العلم به بل لو أذن المالك بالتصرف في ملكه معتقدا انه صديقه لم يجز للمأذون التصرف فيه مع كونه عدوا لتقييد الاذن له بالعنوان المشتبه في تطبيقه عليه فيدور مداره واقعا ، فلا اذن مع التخلف. وذلك كله واضح ، وان تأمل بعض في بعضها (١)
__________________
(١) يمكن أن يفرق بين ما لو أذن المالك لأحد في التصرف في ملكه معتقدا أنه لغيره ، وبين ما لو أذن لشخص بالتصرف في ملكه معتقدا أنه صديقه مع كونه عدوا له في الواقع ، فيقال : ليس للمأذون التصرف في الصورة الأولى مع علمه بالكيفية وأنه إنما أذن له بالتصرف لاعتقاده أن المال لغيره ، فان دليل : عدم حل التصرف في مال المسلم إلا بطيب نفسه إنما يقتضي جواز التصرف في مال الغير إذا طابت نفسه ورضي بالتصرف فيه بما أنه مال له ، ولا يكفي في ذلك مجرد كون المال المأذون بالتصرف