المنع على ما كان واجبا بالذات ـ كما تقدم من جدنا في الرياض ـ وقصر المنع على الواجبات التعبدية ـ كما تقدم عن فخر المحققين انه لما عرفت من عموم المنع أولا وعدم التفصي بهما عن الاشكال على القول المشهور بالمنع مطلقا ثانيا.
ولا ما قيل بالالتزام بخروج ذلك بالإجماع والسيرة القطعية لقيامها على ما اقتضته القاعدة وإلا فالمانع عقلي ـ كما عرفت ـ لا يمكن الخروج عنه بالدليل الشرعي.
ولا ما قبل كما عن جامع المقاصد باختصاص جواز الأخذ بصورة قيام من به الكفاية ، فلا يكون حينئذ واجبا ، لان الظاهر من فتواهم جواز الأخذ ولو مع بقاء الوجوب الكفائي ، بل ومع وجوبه عينا للانحصار كما هو صريح بعضهم.
فالوجوه المذكورة كلها عدا الأول منها ما بين مزيف في نفسه أو غير ناهض لدفع الاشكال ، بناء على القول بعموم المنع كما هو المشهور ، فالوجه هو ما ذكرناه في دفع الاشكال فافهم.
وأما النقض بوجوب بذل الطعام للمضطر مع جواز أخذ العوض منه ففيه ان المأخوذ منه عوض المبذول دون البذل الواجب ، مضافا الى أن البذل انما يجب لدفع الضرر عن المضطر ، والبذل مجانا ضرر على الباذل ولا يدفع الضرر بالضرر ، مع ان طريق الجمع بين احترام المال ودفع الضرر عنه هو البذل بالعوض دون المجاني.
ومنه يظهر الجواب عن النقض برجوع الام المرضعة بعوض إرضاع اللبإ (١) مع وجوبه عليها ، بناء على توقف حياة الولد عليه ، فان المأخوذ
__________________
(١) اللبأ ـ بالكسر فالفتح ـ كعنب أول اللبن في النتاج ينزل من ثدي الأم