يا مالك إلخ لأن تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة ، فتختلف بهم الأحوال ، فيسكتون تارة لغلبة اليأس عليهم وعلمهم أنه لا فرج ، ويشتد عليهم العذاب أخرى فيستغيثون.
ثم ذكر أن ذلك العذاب جزاء ما كسبت أيديهم فقال :
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) أي وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أننا فاعلون بهم ، ولكن هم الذين أساءوا إلى أنفسهم ، فكذبوا الرسل وعصوهم بعد أن أقاموا الحجة عليهم ، فأتوهم بباهر المعجزات.
ثم ذكر ما يقوله أهل النار وما يجيبهم به خزنتها فقال :
(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) أي ونادى المجرمون من شدة العذاب فقالوا : يا مالك ادع لنا ربك أن يقبض أرواحنا ليريحنا مما نحن فيه ، فأجابهم بقوله إنكم ماكثون لا خروج لكم منها ، ولا محيص لكم عنها.
ونحو الآية قوله تعالى : «لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها» وقوله : «وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى. الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى. ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى».
ثم خاطبهم خطاب تقريع وتوبيخ وبين سبب مكثهم فيها بقوله :
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) أي لقد بيّنا لكم الحق على ألسنة رسلنا وأنزلنا إليكم الكتب مرشدة إليه ، ولكن سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه ، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه ، وتصد عن الحق وتأباه ، وتبغض أهله ، فعودوا على أنفسكم بالملامة ، واندموا حيث لا تنفعكم الندامة.
وبعد أن ذكر كيفية عذابهم فى الآخرة ، بين سببه وهو مكرهم وسوء طويتهم فى الدنيا فقال :
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) أي بل هم تحيلوا فى رد الحق بالباطل بوجوه من الحيل والمكر ، فكادهم الله تعالى ورد عليهم سوء كيدهم بتخليدهم فى النار معذبين فيها أبدا.