تفسير المفردات
يقال عشى فلان كرضى إذا حصلت له آفة فى بصره ، وعشا : كغزا إذا نظر نظر العشىّ لعارض قال الحطيئة فى المحلّق الكلانى :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره |
|
تجد خير نار عندها خير موقد |
أي تنظر إليها نظر العشى لما يضعف بصرك من كثرة الوقود واتساع الضوء ، فالمراد هنا أنه يتعامى عن ذكر الله ، نقيض له : أي نهيىء له ونضم إليه ، والقرين : الرفيق الذي لا يفارق ، والمشرقين : أي المشرق والمغرب ، وكثيرا ما تسمى العرب الشيئين المتقابلين باسم أحدهما ، قال الفرزدق :
أخذنا بآفاق السماء عليكم |
|
لنا قمراها والنجوم الطوالع |
يريد الشمس والقمر ، بعد المشرقين : أي بعد أحدهما من الآخر ، فإما نذهبن بك : أي فإن قبضناك وأمتناك ، لذكر : أي لشرف عظيم ، تسألون : أي عن قيامكم بما أوجه القرآن عليكم من التكاليف من أمر ونهى.
المعنى الجملي
بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل ، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده الله للمتقين ـ ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم ، ويظن أنه مهتد ، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره ، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بينى وبينك بعد ما بين المشرقين ، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان فى العذاب لا يخفف عنه شيئا منه ، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر فى قلوبهم ، وقلما تجديهم المواعظ ، فإذا أسمعتهم